من صفات المؤمنين (وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ)
﴿ وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) من سورة الشورى
قال ابن عجيبة في البحر المديد:
( وحاصل ما اشتملت عليه الآية في رد الغضب : أربع مقامات:
الأول : قوم من شأنهم الغفران مطلقاً ، قدروا أو عجزوا ، لا يتحركون
في الانتصار قط ،وهو قوله تعالى : { وإِذا ما غَضِبُوا هم يغفرون } .
والثاني : قوم قادرون على إنفاذ الغضب ، فتحركوا في الانتصار ، ثم عفوا بعد الاقتدار ،
وهذا قوله : { والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون } ،
ثم قال : { فمَن عفا وأصلح فأجره على الله } .
والثالث : قوم قدروا وانتصروا ، وأخذوا حقهم ، لكن وقفوا عند ما حدّ لهم ،
وهو قوله : { ولمَن انتصر بعد ظلمه . . . } الآية .
والرابع : قوم ظُلِموا ، فعفوا ، وزادوا الإحسان إلى مَن أساء إليهم ،
والدعاء له بالمغفرة ،حتى يصير مرحوماً بهم ، وهي رتبة الصدّيقية ،
أن ينتفع بهم أعداؤهم ،وهو قوله تعالى :
{ ولمَن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور } ،
ولذلك جعل الله هذا القسم من عزم الأمور .
.... : ثلاث طبقات : العامة ينتصرون ،
والخاصة لا ينتصرون ، لكن يرفعون أمرهم إلى الله في أخذ حقهم من ظالمهم ،
وخاصة الخاصة يُحسنون لمَن أساء إليهم )
No comments:
Post a Comment